في رثاء المناضل والحقوقي فهمي السقاف !!بقلم السفير / عبدالله الحنكي

بقلم السفير / عبدالله الحنكي
مر عام على رحيل المناضل الحقوقي الإنساني فهمي السقاف ومازال القلب منكسرا يصيح
” هو شي منا مات “١
قضى كل حياته في جمع ملفات ضحايا الخطف والاخفاء القسري . قم وفي هذه الحرب الغاشمة في جمع ملفات ضحايا السجون السرية التي أقيمت في المناطق المحتلة في عدن وشبوة وحضرموت وأبين والمخا. نشر بعضها في صفحته وأكثرها غرضه في المؤتمرات والمحافل الحقوقيىة الدولية والعربية ، وفي مقابلاته عبر الأقمار الصناعية قبل أن يتم منعه من استخدام الاستديو عام 2019 .
كانت الحقيقة قضية حياته الساطعة ، ولعلي لا اغالي إذا قلت أني اتخبل روحه الطاهرة في الملكوت الأعلى وهي تفتش عن أرواح الضحايا تستنطقها حقائق ما جرى لها في دنيا الاوغاد .
استمطر اليوم وكل حين شابيب الرحمة والنور والسلام على روح فقيدنا المناضل الفذ فهمي عبدالله السقاف . ولا أجد هنا سطورا تتحدث عن فضائله أوفى من إعادة نشر القصيدة التي نعاه بها صديقه الأقرب الشاعر كريم الحنكي
سَقَّـــاف الظِّـــلال
(إلى أخي الروحِ المناضل الحبيب فهمي السقاف، في أربعينية تأبينه)
رحيـلُكَ لا يزالُ علَيَّ يُرسِي
ركائبَهُ، ويهتـكُ سِترَ حَدْسِي
وفـاجـئةُ افتقـــادِكَ يا رفيقي
تُخَلِّــبُ كُلَّ بـــارقةٍ بهَجْسي
فبُعدُكَ لا يُقـرِّبُ، حيثُ يدنو
إلَيَّ، سوى فداحــتهِ ويـأسي
وفقدُكَ لا عـزاءَ يُعينُ صَبَّاً
عليـهِ، ولا يُهَــــوِّنُهُ التأسِّي
وفي عَضُدي يفُـــتُّ بغير رِفقٍ
وفي لغتي وفي خطَراتِ حسِّي
فما أومأتَ لي من قبلُ صمتاً
ولا هيـــأتني بِـرَفيــفِ همـسِ
لأثبُتَ في الفجيعةِ وهي تدهو
فتعتقل الشعورَ بجُبِّ طَمسِ.
أيا فهمي الصحيحُ بغير سقمٍ
وسقَّافَ الظِّلالِ غَـداةَ شمسِ
خَبرتُكَ في الْتباسِ الخَلقِ حُرَّاً
تفــــرَّدَ خالصــاً من أيِّ لَبسِ
وموقفَ نجدةٍ إن غَمَّ أمرٌ
تفرِّجُ هَمَّ ضـائقةٍ وبؤسِ
تبــــدِّل فيَّ حالَ المَحلِ خِصباً
وتروي من حيا الآمالِ غَرسي
كأن لكَ الوفاءَ قرينُ ضِمدٍ
بكلِّ بشــارةٍ يأسو ويؤسي
فما أخلفت قبل اليوم وعداً
ولا أبــدلتني سعداً بنحسِ
إلى أن حل نعيُكَ بي فأبدى
لعيني شؤمَ كُلِّ غدٍ وأمسِ.
بصيرَ سريرتي، وسميـعَ صمتي
وصوتي إن عييتُ وطالَ خرسي
ألا أمهلـــتَ من أحييتَ حيناً
يطـــــوِّعُهُ بمقـــــدرةٍ وبأسِ
على تصديق أنك خنتَ عيني
بطيِّكَ نــورَها في عتمِ رَمْسِ
وأنتَ مُريـدُها في كل حَيٍّ
ورائـدُها الدليلُ لكلِّ مَنسي..
صفت بك رغم كدرتها الليالي
وطابت لي بأنسك آنَ تَعسِ
فلم أشرب بوصلك غير عذبٍ
رَوِيٍّ، لَـــذَّ، ملءَ عفافِ كأسِ
ولا آنستُ غير هوىً وأنسٍ..
فأين يبيت مني الآنَ أُنسي؟!
رحلتُ إليكَ، من صنعاءَ، شـرقاً
لمهرةَ؛ إذ حوت مَرسىً ومُرسي
وغرَّبْــــنا معــــاً منها لحيـنٍ
إلى عدنَ التي تظما، لتُحسِي
رفــاقاً لا تـــرى إلا بــــــلاداً
صريعةَ وهمِها؛ تَعرَى وتُكسي
لها اجتمعَتْ من الأصقاعِ حتى
تحـــاولَ رفـــدَها يــوماً برأسِ
فلملمَ شملَنا “الإنقــــاذُ” وعــداً
يحُفُّ بحوفَ منه وصالُ خُلسِ
ولو أني التمســتُ بأن بَيناً
وشيكاً سوف يلحَقُنا بدَهسِ
لمـا اطمــــأننتُ للأيــام، إلا
وعُدَّةُ غدرِها بيدي، وتُرسي
ولكــن التجـــارب دارستني
وما تركت لديَّ نتـاجَ درسِ.
أأقنعُ أن نعيَـــــكَ بـــاتَ حقاً
وما لي عن وداعك أي نَكسِ؟
وأنتَ طـرقْتَ ليلةَ أمسِ نومي
بضحكتكَ التي صحَّتْ ولمسي
تُكــــذِّبُهُ لـــديَّ بــلا اشتبـــاهٍ
وتقطعُ أن بُعدَك محضُ خِنسِ
وتعجبُ من رثائي فيك حيناً
وحيناً، من تعثــرِهِ بطِرسي..
طوتكَ الأربعونَ وما طوتني
قصيدتُكَ التِي الْتُبِستْ بِمَسِّي
وكيف تليــنُ ذاهـــلةُ القــوافي
لحرثِ فجيعتي، وحصـادِ يُبسِ
وأقبـلُ منكَ أنتَ غيابَ وجـهٍ
يبشِّـــرُ لا يـزالُ بيومِ عرسِ
نراهُ على الدّيارِ وراءَ مَطْلٍ
يجنِّــبُ أهلَها طوفانَ بَخْسِ؟!
أدونَـكَ للرجاءِ رنيــنُ بــرقٍ..
أبَعـدَكَ للغناءِ وميضُ جَرْسِ؟
أصدِّقُ كيفَ صمتكَ يا حضوراً
يصُبُّ بمهجتي ما ليسَ يُنسي؟!
وصوتُكَ مُستَقَى روحي.. ولكنْ
رحيلُكَ مُصبِحٌ بي حيثُ تُمسي
كأنَّـكَ، يا بشيـرَ أخـيرِ عمـري
نَعَيتَ إليَّ، حينَ نُعِيتَ، نفـسي